تهويد القدس أولاً وآخراً، ذلك هو الحلم الصهيوني الذي لا تراجع عنه، مهما تكن الأسباب والظروف. في القدس بدأ المشروع الاستيطاني اليهودي، وبالقدس يستكمل حلقاته الأهم. والقدس هي كما يقولون، هي قلب الصهيونية، أو هي جوهر المشروع الصهيوني ومآله الأخير، الديني والسياسي.
إن الصهيونية هي فكرة علمانية يهودية، وهي كناية عن مشروع إقامة وطن قومي يهودي. وقد استغلت النصوص الدينية الغامضة في التوراة، حتى تدفع يهود العالم الى التوافد الى ما سُمِّي بأرض الميعاد. ولما كانت النصوص التوراتية مع ما تنطوي عليه من تنبؤات وما توحي به من تفسيرات مختلفة، تلتقي مع أفكار بروتستانتية معينة، تنتظر ظهور المسيح مرة أخرى، في آخر الزمان، عند ذلك، اجتمعت التبريرات الدينية مع المصالح السياسية، لتعطي دفعاً هائلاً لمشروع إقامة الكيان الصهيوني بالاستفادة من المعطيات الدولية غير المتوازنة آنذاك.
غير أن الادعاء بحقوق يهودية تاريخية في القدس كما في فلسطين، كانت تعوزه الوقائع والأرقام، والحديث عن يهودية القدس لا يستقيم من دون وجود يهودي كثيف ومستقر. من أجل ذلك، كان التنافس المحموم بين زعماء الصهيونية، لاغتنام كل فرصة ممكنة، للسيطرة على كل دونم متاح من الارض، بجميع الوسائل، كرهاً أو طوعاً، بالخداع والحيلة أو بالتفاوض، لا فرق ما دامت النتيجة ستكون واحدة.
.......................يتبع..........................